الـخا بــيـة والــبــيــر و الــمــا ء جــــاري
لكل عصر وزمان تقنيته وألاتـه, ولكن أجملها هي تلك التي اعتمد فيها الانسان على الطبيعة والأرض , و كمثال على ذلك الفخار الذي أستعمل وما زال من طرف الانسان في صنع العديد من الأواني المنزلية التكاضية , مثل ´´الـﯕـلة´´ /القلة و´´الخابية´´ و´´الغراف´´ … هذه الاواني التي استعملت منذ القدم , واستعملها أبائنا وأجدادنا بكثرة في زمن مضى ,لكنها مع الاسف قد ذهبت بذهابهم , ورحلت برحليهم.
وقد استعملت هذه الاواني الى زمن قريب بقرية تكاض ,عندما كان السكان يتحدون الصعاب في الحصول على الماء ,فكانت النساء والفتيات يخرجن ب قلالهن الى بئر الدوار, فرادى وجماعات , وتدلي كل واحدة بدلوها لاستسقاء الماء واخراجه يدويا ب ´´الدلو ´´المربوط بحبل طـويلة طول امتار البئر , ويمرالحبل ب´´ الجرارة ´´ او ب ´´المهرازة´´ التي كانت في غالبها مصنوعة من الخشب; وبدون ان ننسى ´´الكراشات´´ والتي وجب البحث عنها لاستخراج الدلو وحبله كلما سقطا في البئر ...
هذه الأبار كانت توجد في جميع دواوير تكاض ,و كانت عمومية , يمكن لكل السكان استغلالها ,و المشاركة في صيانتها واصلاحها وفي عملية حفرها وزيادة الماء بها .
وبالـقرب من كل بئر, نجد ´´ جابية´´ وهي بركة قد تكون مبنية أو محفورة على الصخر , و غالبا ما تكون دائرية أو مستطيلة ,و فيها يتم تجميع الماء الذي تشربه وترتوي منه بهائم الدوار بعد رجوعها من الرعي بالحقول و´´البحاير´´ التكاضية ,وخلال أيام ´´النوبة ´´ (تناوب منزل او منزلين على رعي كـــل ماشية الدوار ) .
هذه البحاير والحقول والمراعي التكاضية, كانت تـسـر نظرة العين بخضرتها وخضرواتها ,وكانت تعطي أكلها لاصحابها ولجيرانهم, عندما كانت أرضية أبارها تحتوي على مخزون مائي غزير طول السنة يجلب من باطن الارض بواسطة دلو أسود كبير يسمى ب ´´ألوكاف´´ و وسائل أخرى تقليدية يعتمد فيها على الانسان والحيوان ´´تاسيليا´´ و ´´الناعورة ´´ و لمكب - ويعني المصب - التي كانت عن طريقها تمتلئ الصهاريج ´´الشوارج ´´ بماء عذب يسقي الاراضي والمزروعات المتنوعة ... و يمكن الاشارة الى بئر ´´لعوينة´´ التي كانت تنطلق منها ´´قوادس´´ قنوات الري -أثناء الاستعمار الفرنسي- في اتجاه حقول السهب, مرورا بين أراضي دوار قبلة وساحل من جهة ,وأراضي دوار الـــﯖـــاطع ايت عبدالله من جهة أخرى ,لتحصل كل ´´بحيرة ´´ على نصيبها من الماء الوافر …
و في بعض الأزقة التكاضية ,و في طرق حقولها , كنت تجد ´´خابية´´ عمومية في الظل مغطات بغطاء لحمايتها من البهائم والكلاب والحشرات , وفوق الغطاء ´´غراف´´ - في بعض الأحيان يكون مربوطا بخيط حتى لايضيع - يشرب منه كل من أصابه العطش ويرتوي بماءه البرد و بدون مقابل …
والخابية ما هي الا اناء يخبأ فيه الماء , قد استعمله أجدادنا لخزن الماء وحفظه وتبريده, وهي مختلفة الأحجام, وغالبا ما كان الناس يطلونها بقليل من ´´الــﯖـطران´´ الذي يعطي للماء نكهة مميزة خاصة في فصل الصيف وحرارته ...
ومع الأيام وتطورات الزمن , بدأ الناس في حفر أبارهم داخل منازلهم, أوبجوارها ,
لكن وفي زمن غير بعيد ارتبطت المنازل بشبكة الماء الصالح للشرب, فأغلقت الأبار المنزلية , و جفت الأبار العمومية, وهجرت ثم أغلقت, بعد أن كانت نقطة مهمة للاستسقاء واللــقـــاء , في كل دوار من دواوير تكاض...فـفي دوارالـﯖـاطع أيت عبدالله كانت فيه بعض الأبار مثل التي كانت في´´لقصيبة ´´وهي مقابلة لدار الصوفي : واحدة منها كانت عمومية والثانية كانت للمرحوم الحسين أومحماد جساني والتي أصبحت هي الأخرى عمومية ,وهناك بئر أخرى ب دوار أيت الحاج, وأخرى في سيدي بورجا,وكذلك قرب المسجد- تقريبا قرب مصلى النساء حاليا بجانب الطريق المؤدية الى ساحل وقبلة- و بئر قرب منزل بورجى والدويه , وأخرى بدرب أيت حسي, وأخرى بالقرب من دار أيت خليفة , بئر أيت الماسي , وبدون ان ننسى بئر الحاج بلعيد .
اما في قبلة فكانت هناك أبار جوار حائط مقبرة سيدي سعيد, مقابل المسجد والصيدلية حاليا , وكذلك بئر اخرى حتى هي بجوار المقبرة ولكن من الجهة الأخرى المقابلة لابراج أيت حماد, وأظن بانه كانت هناك أبار في أزقة أخرى مثل التي توجد بين زنقة عريرو ابراهيم أعياد وحانوت حمدان وبئر علي الحويسين تقريبا أمام منزل الخلوي ...
وفي دوار بوستة , فنذكر البئر العمومية التي كانت قرب حانوت المرحوم البصير سي محماد - وبئر الشمندري والـــﯖــرارة (في الـﯖـطعة) ــ (كانت في اراضيهما الفلاحية ولكن في نفس الوقت كان الجيران يستسقون منها في وقت ما) …
أما في ساحل فعلى سبيل المثال , هناك البئر الموجودة بجوار المسجد مقابل دار سعيدون , و أخرى قرب دار علي العسكري, وبئرا على ماأظن قرب دار التكاري... وأخرى قرب دار مونير , وأخرى قرب مدرسة ساحل أمام دارالمرحوم مبارك أوالجيلال( أبو المحاسن)…
وكذلك كانت هناك بئر في سيدي بيبي - وبها ´´السقاية´´ , ( وسط السوق حاليا )... و بئران بشاطئ سيدي الطوال , واحدة لم يعد لها أثر كانت في الشط المقابل لسيدي الطوال والثانية هي ما زالت تسقي المصطافين ب شاطئ مــركــو وقد كانت في وقت ما تسقي غنم أيت تكاض وأيت بنـﯖمود .
هذه الأبار وغيرها كانت عمومية في كل مكان تروي عطش الزائر والمقيم الانسان و الحيوان ولكن مع توالي سنوات الجفاف واستنزاف الفرشة المائية بالمنطقة عموما وظهور التقنيات الحديثة ودخول الصنابير والمبردات والثلاجات الكهربائية الى المنازل لتجلب معها راحة الناس البدنية - وفي بعض الأحيان مشاكل مادية- , فأهملت الأبار وكسرت الخابية والقلة والغراف المصنوع من الطين ولم يعد وجودا للدلو و´´الكراشات´´ واهملت الحقول وجفت ويبست الارض وزحف عليها الاسمنت بكل قوته وثقله ...
واذا كان أبائنا يخوفوننا ب ´´عبد الحاسي ´´ فاننا اليوم قد نسيناه, ولكن لم نتمكن من نسيان الخابية والبــــيــــر وما كان يسطحبهما من خير وفــيــر .
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
Publicada el 24/11/2012-21h53mn.
No hay comentarios:
Publicar un comentario